للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوصية بالجار]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدي رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد: إن من نعم الله، التي يجب على العبد أن يقوم بشكرها: أن يتيح له الفرص النفيسة بهذه اللقاءات الكريمة مع إخوة في الله، وفي بيت من بيوت الله، يتذاكرون آيةً من كتاب الله أو حديثاً من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لأعلم أن في مدينة عنيزة من المشايخ وطلبة العلم من يحيون المساجد بالذكر والمذاكرة والعلم والمدارسة، وإنه لمن نعم الله عليَّ أن يتيح لي هذا اللقاء في هذا المسجد هذه الليلة.

وسأتكلم عن موضوع أعتقد أن الجميع قد سمعوا به، وكل الدعاة قد تناولوه، والسنة مليئة بأخباره، ألا وهو موضوع الوصية بالجار.

وقد قرن الله حق الجار بأعلى وأعظم حقٍ لله سبحانه وتعالى وهو توحيده، فقال سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء:٣٦] إلى آخر الآية.

فحق الجار مذكور في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللجار حقوق كثيرة ممكن أن نسميها: حقوقاً قضائية، أو نسميها: حقوقاً مدنية، أي: إلزامية للجار على جاره، وهذه الحقوق يذكرها الفقهاء وخاصةً الحنابلة في باب الصلح وحكم الجوار.

كلنا يعلم أن الأسلوب العام في الإطار الإسلامي بل والإنساني أن الوصية تكون من منطلق الشفقة والرحمة، ولذا لا تجد إنساناً يوصي إنساناً بخير إلا وهو مشفق عليه، رحيم به، وقد جاء في كتاب الله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء:١١]، {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [الأحقاف:١٥] {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة:١٨٠].

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لـ معاذ: (يا معاذ! إني أحبك، فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم! أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، فأوصاه بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>