والجار إما أن يكون جاراً صالحاً أو جاراً سيئاً، وفي الأثر أن الجار الصالح يحفظ الله به مائة بيت من جيرانه، فإذا كان الجار صالحاً، فالله سبحانه وتعالى يكرم جيرانه، ويدفع عنهم السوء إلى مائة بيت، فنعم الجار هذا الجار! أما الجار السوء فكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منه، فكان يقول:(اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحول).
ومن طلب الجوار الصالح، قوله تعالى:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}[التحريم:١١]، يقول العلماء: طلبت الجار بالجوار قبل الدار، فإنها لم تقل: ابن لي بيتاً عندك، بل قلت:(ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا)، والناس يقولون: الجار قبل الدار.
وأُقرب هذا المعنى بمثال: لو أن فلاناً عنده مخطط أراضٍ، وأنت لا تعرف بتخطيط القطع، وجاء إنسان صالح وقال لك: والله يوجد قطعة أرض فيها وجهتان إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة، فقلت له: أنت أخذت إحداهما؟ قال: نعم.
فتحب أن تشتري القطعة التي بجواره، ولا يهمك سعتها ولا ضيقها ولا توجهاتها، إنما يهمك أن تكون بجواره لصلاحه، وتختار جواره مهما كانت القطعة أقل نفاسة عن أي قطعة أخرى بعيدة عنه، فالجار الصالح يشترى، تقول: أنت أصلح الجيرة.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم في خير الجيران أنه قال:(خير الصديقين أحسنهما صداقاً، وخير الجيران خيرهما لجاره)، فخير الجيران من كان أنفع وأشد خيرية لجاره، فهي عملية مقارنة، والخيرية نسبية، فبقدر ما تحسن إلى جارك تكون خيراً منه.