[التصدق على الجار الفقير]
على المؤمن أن يتعامل مع الله فيؤدي حقوق الجار مخلصاً لله، فإذا استعانك أعنته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه.
الغنى ليس بالقوة وليس بالذكاء، لا والله، قال الشاعر: وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل وما تدري وإن ذمرت فقراً لأي الناس ينتج ذا الفصيل يعيل أي: يفتقر، فقد يصبح الرجل غنياً ويمسي فقيراً، وبالعكس، فالأمور بيد الله سبحانه وتعالى.
إذا ولدت ناقتك الفصيل وأخذته فإنك لا تدري: هل هذا الفصيل يبقى لك أو ينتقل لغيرك؟ فإذا افتقر جارك فعد عليه من فضل خيرك، وإذا مرض فعده، وإذا أصابه خير فهنئه، وإذا أصابته مصيبة فعزه.
وحقوق المسلم مبينة في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه)، فهذا حق المسلم على المسلم في الإسلام، وهذه من حقوق الجار.
فإذا مرض جارك عدته، وعيادة المريض لها آداب تذكر في كتاب الجنائز، منها: أنك لا تطيل الجلوس عنده، ولا تسرّح نظرك في محله، ولا تكثر السؤال عن علته ومرضه، وينبغي أن تبعث في نفسه الأمل والرجاء في الشفاء والصحة.
ومن حقوق الجار أنه إذا أصابه خير هنأته؛ وتظهر الفرح بما أصابه من خير، وإن أصابته مصيبة عزيته؛ فتجبر خاطره وتساعده على تحمل ما نزل به.
ومن حقوق الجار أيضاً ما ذكر في قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا تستطيل عليه بالبنيان لتحجب الريح عنه إلا بإذنه)، وفي كتب الفقه: من رفع بناءه على جاره، فلا يكشف على الجار، بل عليه أن يقيم جداراً ليصون الجار عن نظره.
ومن حقوق الجار ما جاء في الأثر: ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها.
وقتار القدر: ريحه، أي: فإذا طبخت طبيخاً وصارت له رائحة نفاذة، ووصلت الرائحة إلى الجار، فعليك أن تطعمه منه، وليس هذا من حق الإسلام فقط بل هو حق إنساني.
وبعضكم يسمع أن المرأة الحامل يصيبها الوحم، وهذه قضية لا أحد يقدر أن يعللها بشيء، وهي سنة كونية يجريها الله سبحانه وتعالى للنسوة في مرحلة الحمل، فتشم رائحة الطعام فتحتاج أن تتذوق من ذلك الطعام الذي شمت رائحته، فإن لم تأكل منه لحقتها مضرة، أو صارت المضرة في الطعام؛ لأن نفسها تعلقت به، وتعرفون أثر العين والحسد بسماع السيرة وبالرؤية وباللمس، فمن باب المروءة إذا طلعت هذه الرائحة إلى جيرانك أن تطعمهم من هذا الطعام، وإذا اشتريت فاكهة ولم تطعمهم منها فأدخلها إلى البيت سراً.