للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليسوا بغيري١ في الهوى لتقدم ... على لسبق في الليالي القديمة

وما القوم غيري في هواها٢ وإنما ... ظهرت [لهم] للبس في كل هيئة

ففي مرة قيسا، وأخرى كثيرا ... وآونة أبدو جميل بثينة

تجليت فيهم ظاهرا واحتجبت با ... طنا بهم فاعجب لكشف بسترة

أسام بها كنت المسمى حقيقة ... وكنت لي البادي بنفس تخفت

وما زلت إياها، وإياي لم تزل ... ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبت٣


١ في الأصل: سواي.
٢ في الأصل: هواي.
٣ هذا وما قبله بين الدلالة على إيمان ابن الفارض بالوحدة، لا بالاتحاد، فإنه حين عبر بقوله: وما زلت إياها خشى أن يقال عنه أنه ما زال يستشعر اثنينية ما، لوجود محمول وموضع في تعبيره -وإن كان الحمل صوريا، إذ المحمول عين الموضع- أقول: خشى أن يقال عنه هذا فعقبه بقوله: ولا فرق، حتى لا تفهم أن الذات المعبر عنها بضمير المتكلم، وهو التاء في "ما زلت" غير المعبر عنها بضمير الغائب في إياها، وإنما هي هي. وزاد ابن الفارض إيغالا في كفره، فقال: بل ذاتي لذاتي، ليجرد الذات الإلهية من وجودها الخاص، وليؤكد أن ليس لها من وجود إلا هذا الوجود المقيد المتعين في هذا أو ذاك من أفراد الخلق، ولإثبات الوحدة التامة بين الحق والخلق -لا في الباطن فحسب- بل في الظاهر، ثم لغرض آخر، وهو أن الذات الإلهية، نالت كمالها بتعينها في صورة ابن الفارض. هذا هو دين من لا يزال كبار الشيوخ -بله الزنادقة الصوفية- يلقبونه: سلطان العاشقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>