للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لن يعذب كافر عند الصوفية]

ثم قال: "ولما كان الأمر [في نفسه] على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها، فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي، والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم، فنالته الرحمة، إذا لم يكن غيرها سبق، فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على من وصل [٢٧] إليها، فإنها في الغاية وقفت، والكل سالك إلى الغاية، فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة، ومغادرة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها، بحسب ما يعطيه حال الواصل إليها.

فمن يك ذا فهم يشاهد ما قلنا ... وإن لم يكن فهم، فيأخذه عنا

فما ثم إلا ما ذكرناه، فاعتمد ... عليه، وكن في الحال فيه كما كنا

فمنه إليه ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا١

وقال في فص حكمة نفسية في كلمة يونسية٢: "وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم ولكن في النار، إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب، أن تكون بردا وسلاما على من فيها، وهذا نعيمهم، فنعيم أهل النار -بعد استيفاء الحقوق- نعيم خليل الله حين ألقي في النار، فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها، وبما تعود في علمه، وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان، وما علم مراد الله فيها، ومنها في حقه، فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس، فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين. هكذا هو التجلي الإلهي٣".


١ ص١١٦ فصول.
٢ في الأصل: يوسفية.
٣ ص١٦٩ فصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>