للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى ما نقلته من رسالة الشيخ علاء الدين البخاري، لكني تصرفت فيه بالتقديم والتأخير، وقد وضح بذلك محالهم، وتبين به ضلالهم١ والله الموفق.

[عود إلى من كفروا ابن عربي]

وعن الحافظ تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي المكي في كتابه: تحذير النبيه والغبي من الافتتان بابن عربي، أنه قال, وقد سئل عنه وعن شيء من كلامه:


= كفر خبيث، وقد اتهمه الصوفية فعلا بالأول: أي: الكتمان، اسمع لابن عجيبة في شرحه لحكم ابن عطاء الله السكندري يقول: "وأما واضع هذا العلم -يعني التصوف- فهو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علمه الله له بالوحي والإلهام، فنزل جبريل أولا بالشريعة، فلما تقررت نزل ثانيا بالحقيقة، فخص بها بعضا دون بعض" ص٥ جـ١ ط١٣٣١هـ. وفي هذا حجة على دين الصوفية مقت للشريعة، واتهام صريح للرسول بأنه لم يبلغ بعض ما أنزل إليه، وبأنه هوى مع الهوى فخص به بعضا, وحاشا الرسول الكريم.
١ علاء الدين البخاري رجل أشرب قلبه وفكره التصوف، وقد خدع البقاعي بهذره الصوفي، فكل ما هول به البخاري في الرد على الصوفية لا ينابذ لهم باطلا. بل يواليه ويمالئه. نعم صرح الرجل في قوة وشجاعة وجلاء بتكفير ابن عربي وأحلاسه، بيد أن ما حسبه أدلة تدمغهم بالزندقة هي في حقيقتها أساطير صوفية، أو هي بالذات عناكبهم التي يصيدون بها العقول الذبابية. وهذا يثبت ما قلته من قبل، وهو أن كل من به مس من الصوفية إنما يطوي النفس على أمشاج وثنية.
وإن تراءى بتكفير غيره من لدانه وأقرانه. قارن بين ما رد به البخاري الصوفي، وبين ما رد به الإمام ابن تيمية، لتدرك البون الشاسع بين الرجلين، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالبخاري صوفي يرد بتصوفه على تصوف غيره؛ كي يؤمن الناس به هو، وبما يدعو إليه من التصوف، وابن تيمية يدمغ الباطل بما دمغه به الحق من الكتاب والسنة، بل وببراهين العقل الذي جعل هدى القرآن مناره، ولم يلوثه دنس صوفي، ابتغاء مرضاة الله، والجلاد المستلئم في الجهاد في سبيل الله، وهذا هو دائما فرق ما بين المؤمن والصوفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>