للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي السير: أنها كانت [١٢] مثبتة في الأرض بالرصاص، فما أشار بذلك العود إلى صنم منها إلا انقلب. إن أشار إلى قفاه انكب على وجهه، وإن أشار إلى وجهه انقلب على قفاه١، وكان في جزيرة العرب من الأصنام ما يتعسر حصره، فما أبقى لشيء منها باقية، وما استباح قتالهم، ونهب أموالهم، وقتل رجالهم، ومزق أبطالهم، وركب من دون ذلك الأهوال العظام، وقاطع الأخوال والأعمام إلا على ذلك، فتبا لمن أنكره، أو رأى شيئا أكمل منه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ا. هـ.

[كل شيء عندهم رب وإله]

قال ابن عربي: "فالأدنى من تخيل فيه -أي: في كل معبود- الألوهية، فلولا٢ هذا التخيل، ما عبد الحجر ولا غيره، ولهذا قال: " [قل] سموهم" [الرعد: ٣٣] ، فلو سموهم لسموهم حجارة٣ وشجرا وكوكبا، ولو قيل لهم: من عبدتم؟ لقالوا: إلها. ما كانوا يقولون: الله. ولا الإله. والأعلى ما تخيل، بل قال: هذا مجلى إلهى ينبغي تعظيمه، فلا يقتصر ٤، فالأدنى صاحب التخيل يقول: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] والأعلى العالم يقول: {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ


١ انظر سيرة ابن هشام ص٢٧٦جـ٢ على هامش الروض الأنف.
٢ في الأصل: ولولا.
٣ في الأصل: حجرا.
٤ أي: لا يقصر عبادته على شيء ما بعينه، بل يعبد كل شيء، حتى ما يعصف بنفسه من هوى، وما يترنح في فكره من أوهام، وسيأتيك من كلام ابن عربي ما يدلك على أنه يؤمن بأن الهوى أعظم مجالي الإله.
٥ في الأصل: إنما إلهكم. ويفسرها الزنديق بأن العارف المكمل. هو من يقول لعباد الأوثان، ولعباد الكواكب، إن ما تعبدونه هو الإله الواحد، فالإله المتعين في أوثانكم عين المتعين في كواكبهم، فلا يقصر أحد منكم عبادته على شيء ما بعينه، أو يختص بها بعضا دون بعض، فإن إلهكم هو عين كل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>