للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهاء، هي طريق الصوفية١، هذا ما بنى عليه الصوفية أمرهم، وأما هؤلاء الذين تشبهوا بهم، ونبه العلماء -حتى الصوفية- على أنهم ليسوا منهم، ودلسوا على الناس، ولبسوا أحوالهم، ليقطعوا الطريق على أهل الله، وهم يظهرون أنهم منهم.

[منابذة الصوفية للعقل والشرع]

فأول ما بنوا عليه أمرهم ترك العقل٢ الذي بنى الله أمر هذا الوجود على حكمه بشرط استناده إلى النقل الذي أنزل به كتبه: وأرسل به رسله عليهم الصلاة والسلام، لئلا يزل العقل بما يغلبه من الفتور والشهوات والحظوظ، وجعل العقل حاكما٣ لا يعزل بوجه من الوجوه في وقت من الأوقات في ملة من الملل وضموا إلى ذلك٤ الداهية الدهياء، وهي ترك ما عطر الله ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكون بمدحه، وملأ الوجود بذكر مناقبه وفضائله، وهو العلم والشرع


١ شتان شتان ما طريق الصوفية، وطريق الفقهاء، والصوفية أنفسهم يقرون بهذا، ويزعمون أن طريقهم هو الحقيقة لا الشريعة، ومتمسك الفقهاء هي الشريعة، والصوفية يرون المستمسك بالشريعة محجوبا عن الحقيقة، ثم ما لابن حنبل يأبى أن يسير في جنازة الحارث المحاسبي؟! إنه اشتم من كلامه نتن رائحة التصوف؟!
٢ مقياس الحقيقة ومصدر المعرفة عند الصوفية هو الذوق، وهذا سر ترديدهم لأسطورتهم: من ذاق عرف، أما العقل
فيكفرون به، ويرونه حجابا يستر الحقيقة، كل هذا ليغروا من حكم العقل عليهم بالأفن والضلال.
٣ ما للعقل أن يحكم على الحقائق الشرعية، والقيم الدينية إلا بحكم الكتاب والسنة، لا كما يزعم الفلاسفة وغيرهم من علماء الكلام والأصول: وهو أن العقل أصل النقل وحاكم عليه.
٤ أي: إلى تركهم للعقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>