للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متوهم، فالخلق معقول، والحق محسوس مشهود عند المؤمنين، وأهل الكشف والوجود١ وما عدا هذين الصنفين، فالحق عندهم معقول، والخلق مشهود، فهم بمنزلة الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزل الماء العذب الفرات السائغ لشاربه، فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها، ويعرف غايتها، فهي في حقه على صراط مستقيم، ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها، ولا يعرف غايتها، وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر، فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة٢".

[تفسيرهم لما عذب الله به قوم هود]

ثم قال: "ألا ترى عادا قوم هود كيف قالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: ٢٤] فظنوا خيرا بالله تعالى -وهو عند ظن عبده به- فأضرب لهم الحق عن هذا القول، فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم، فذلك حظ


= الغر ائز، وصور الأوهام، ولذا يصف العبد بأنه حق مشهود وأن وصفه بالخلقية وهم يغلف الحقيقة الكبرى بحجابه، تلك الحقيقة هي أن العبيد جميعا أرباب وآلهة أو هم الرب تعينت أسماؤه آلهة تنجلي في صور الخلق، هؤلاء القتلة السفاحون السفاكون مغتصبو الأعراض، الوالغون في الدم، هؤلا المرتشون المفسدون في الأرض، هؤلاء الذين يروعون أمن الحياة، وسلام الوجود، هؤلاء الظلمة الفاتكون بالأيامى واليتامى والأرامل. كل هؤلاء عند الصوفية أرباب خلقوا السموات والأرض، ولهم ملكوت السموات والأرض.
١ غالى الزنديق فزعم أن الخلق ما هو إلا صورة ذهنية وهمية لا تحقق لها في الخارج. أما الحق -أي: الله سبحانه- فهو محسوس مشهود، إذ لا ينفك عن التعين في مادة. ويبهت الزنديق بالجهل من يؤمن بأن الله تعالى يتجرد عن المادة، أو أنه شيء آخر غير المادة.
٢ ص١٠٨ فصوص. وغير العارف هذا هو إله الصوفية متعينا في صورة بدنية عنصرية، فإلههم إذا مقلد جاهل يدعو إلى نفسه عن تقليد وجهالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>