للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبايعة، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره١. ولقد شرع لنا [٥٩] رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سنن الهدى، وتركنا على بيضاء نقية، ليلها كنهارها٢، ولم يتغير دينه بعده، ولم يتبدل, ولم يزدد إلا شدة. وأخبرنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الدين بدأ غريبا، وأنه سيعود كما بدأ، وقال: "فياطوبى للغرباء"٣ فلا يهتم الإنسان بقلة الموافق، فإن الله معه، ومن كان الله معه، كان كثيرا, ولا بكثرة المخالف المشاقق، فإنهم أعداء الله، فليس معهم ومن لم يكن الله معه، كان قليلا {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ، وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} [الزمر: ٣٦، ٣٧] .

[هوان الدين عند الأكثرية]

ومما ينبغي أن يكون نصب العين معيارا يعرف به هوان الدين عند أكثر الناس، وهو أن أحدهم لو كان مشرفا على الموت من الجوع، ووجد


١ من حديث نصه: عن عبادة بن الصامت "بايعنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا, وأن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم" الصحيحان، الموطأ، النسائي، المنشط: الأمر الذي ينشط له، ويخفف إليه، الأثرة: الاستيثار بالشيء والانفراد به.
٢ من حديث رواه ابن ماجه: "وأيم الله، لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها".
٣ نص الحديث: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود كما بدأ، فيا طوبى للغرباء" مسلم عن أبي هريرة، والنسائي عن ابن مسعود، وابن ماجه عنهما وعن أنس، وطوبى: فرح وقرة عين كما فسرها ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>