للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذات أعلى ممن اتصف بأسماء الصفات، وقد أخبر عن اتصافه باسم الحق -وهو الثابت بذاته، المثبت لغيره١- فلا يمكن أن يتغير عما ذهب إليه".

[رأي القشيري والسهروردي]

وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري في شرحه للأسماء الحسنى: "إن العبد لا يجوز أن يتصف بصفات ذات الحق كما زعم بعضهم: أن العبد يكون باقيا ببقاء الحق، سميعا بسمعه، بصيرا ببصره٢، وهذا خروج عن الدين، وانسلاخ عن الإسلام بالكلية، وهذه البدعة أشنع من قول النصارى: إن الكلمة القديمة اتحدت بذات عيسى عليه السلام، وهي توازي قول [٧٣] الحلولية".

وقال السهروردي في الباب الحادي والستين من عوارفه في الكلام على المحبة، ما حاصله: "إن المحبة: التخلق بأخلاق الله، ومن ظن من الوصول غير ما ذكرنا، أو تخايل له غير هذا القدر، فهو متعرض لمذهب النصارى في اللاهوت والناسوت٣" وقال: "علم البقاء والفناء يدور على إخلاص الوحدانية وصحة العبودية، وما كان غير هذا فهو من المغاليط والزندقة٤.

[وحدة الأديان عند ابن الفارض]

وعلى هذا الأصل المخبث الخبيث -وهو الاتحاد بين جميع الكائنات،


١ من هذا الغير؟ إن كان خلقا، فقد أقروا بأن الحق غير الخلق، وهذا نقيض دعواهم، وإن كان هو الحق نفسه، فقد أثبتوا أن ربهم يغاير نفسه، محتاج إلى من يمنحه الثبوت والوجود، وهذا أيضا نقيض دعواهم، فهم ينكرون الغيرية، ويسمونه الوجود المطلق.
٢ يعني: ما يدين به الصوفية، وهو أن سمع الله وبصره عين سمع العبد وبصره، إذ الحق عندهم عين الخلق.
٣ انظر ص٣٥٣ عوارف المعارف ط العلامية، وقد سبق لنا بيان فرق النصارى.
٤ ص٣٦٢ عوارف المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>