للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خفي عليهم أمره، أطبق العلماء على تكفيره وصار أمرا إجماعيا، وأما ابن الفارض فأمره أسهل، وذلك أنه لم يوجد لأحد من أهل عصره الخبيرين بحاله ثناء عليه بعدالة، ولا ولاية، ولا ظهر عنه علم من العلوم الدينية، ولا مدح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقصيدة واحد ة على كثرة شعره، فدل ذلك على سوء طويته، ونقل القدح فيه نقلا قطعيا عن محبيه ومبغضيه، فقد قال شراح تائية التابعون لطريقته والمنتقدون عليه من أهل السنة: إن أهل زمانه كلهم من أهل الشريعة، وأرباب الطريقة رموه بالفسق والإباحة والزندقة [٦٥] على الإجمال.

[المكفرون لابن الفارض]

وأما التفصيل والتعيين فقد رماه بالزندقة بشهادة الكتب الموثوق بها نحو من أربعين عالما، هم دعائم الدين من عصره إلى عصرنا، فمن أهل عصره سلطان العلماء عز الدين [ابن] عبد السلام الشافعي، والحافظ الفقيه الأصول تقي الدين ابن الصلاح الشافعي، والإمام الفقيه المحدث الصوفي قطب الدين القسطلاني الشافعي، والإمام نجم الدين أحمد بن حمدان الحنبلي١ وشرح التائية، وبين


= والعبرة، فنحذر مما أركسوا فيه، وبسببه لعنهم الله وطردهم من رحمته وبهذه المقاييس القرآنية يجب أن نؤمن، وبها يجب أن نقيس كل ما يعرض علينا من أمور الدين والحياة، فلا نفهم في التوحيد إلا ما بينه الله سبحانه به، وكذلك الشرك وغيرهما. ولا يخدعنا عن الحق الجلي من كتاب الله كهان ولا أحبار، ولا رهبان، وعلى هداية الحق ننقد التصوف، دون أن نعير التفاتا إلى ثناء المثنين، أو ذم الذامين، ما دمنا نحمل المشعل الوهاج من القرآن يكشف لنا ما خفي من أمر التصوف. فما يهم بعده ثناء الملايين على ابن عربي وابن الفارض، وكيف، ونحن نعرف قصة فرعون وقصة الوثنية، ونعرف بم حكم الله على الجميع!؟ فكل من نجده في دينه منتسبا إلى الفرعونية أو الوثنية، حكمنا عليه بحكم الله، وإن ضج الملايين من الصوفية.
١ من أئمة الفقه والأصول، ولي نيابة القضاء بالقاهرة. ولد سنة ٦٠٣هـ وتوفي سنة ٦٩٥هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>