للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: فالحديث أولا وآخرا معلم أنه يتلبس بأي لباس صورة شاء مما يعرف، ومما ينكر من غير حلول، فكان ظهوره بصورتي أيضا جائزا من غير حلول، فصح بهذا دعوى اتحادي مع الحلول".

[أمر ابن الفارض باتباع شريعته]

ثم قال في شرح قوله:

منحتك علما إن ترد كشفه، فرد ... سبيلي، واشرع في اتباع شريعتي

قال: "يحتمل أن يكون إضافة الشريعة من الناظم إلى نفسه بلسان الجمع والترجمانية، ويريد بقوله: فرد سبيلي ما أريد به في قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: ١٠٨] وبقوله: شريعتي، شريعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ثم قال:

فمنبع صدا١ من شراب نقيعه ... لدي، فدعني من سراب بقيعة


= سبحانه لن يتجلى إلا في صورة واحدة في كل مرة، أما هم فيدينون بتجلي ربهم فيما لا يتناهى من الصور المتباينة في آن واحد. سادسا: لم يبين الحديث كنه الصورة الأولى، أما صورته الثانية فعرفها بأنها هي التي رأوه فيها أول مرة. أما هم فقالوا بتجليه في صورة يغوث ويعوق. وفي صورة عجل السامري، وفي صورة نار المجوس، بل في صورة كل مخلوق. سابعا: يثبت الحديث ربا، ويثبت عبادا يبتليهم ربهم بتجليه، ويثبت أنهم غير الرب، وهم يقولون: العبد عين الرب. ويثبت الحديث مكانا. فما هذا المكان؟ أهو الرب أم غيره، إن قالوا بالأول، فما في الحديث هذا. وكفاهم خزيا أن يكون ربهم مواطي أقدام. وإن قالوا بالثاني ثبت وجود غير، وهم ينفون الغيرية. ثم ما للصوفية يستشهدون بما لا يؤمنون به؟ إنهم يزعمون أخذهم عن الله مباشرة، ويستنكفون العمل بشريعة الله التي جاء بها رسله! وفي الحديث براهين أخرى، وحسبنا هذا.
١ في الأصل: صدى. وصوابها: صداء قال ضرار:
كأني من وجدي بزينب هاشم ... يخالس من أحواض صداء مشربا
وصداء بئر ماؤها أعذب مياه العرب، ومن الأمثال: ماء ولا كصداء يضرب لما يحمد بعض الحمد، ويفضل عليه غيره. انظر مجمع الأمثال، والمضاف والمنسوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>