للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الضلال عند الصوفية خير من الهدى]

أما ما في الفصوص من ذلك، فقد قال في الفص النوحي في أثناء تحريفه لسورة نوح عليه السلام، التحريف الذي يكفر الإنسان بأدنى شيء فيه١: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: ٢٤] أي: حيروهم في تعداد الواحد {وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ} المصطفين الذين أورثوا الكتاب، فهم أول الثلاثة {إِلَّا ضَلالًا} إلا حيرة، فالحائر له الدور والحركة الدورية حول القطب، فلا يبرح منه، وصاحب الطريق المستطيل مائل خارج عن المقصود طالب ما هو فيه, صاحب خيال إليه غايته, وله "من" و"إلى" وما بينهما، وصاحب الحركة الدورية لا بدء له، فيلزمه "من" ولا غاية له, فيحكم عليه "إلى" فله الوجود الأتم، وهو المؤتى جوامع الكلم والحكم" وقال: {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} [نوح: ٢٢] لأن الدعوة إلى الله مكر بالمدعو؛ لأنه ما عدم من البداية، فيدعى إلى الغاية، ادعوا إلى الله، فهذا [٦٧] عين المكر٢.

[رب ابن الفارض أنثى]

وأما ما في التائية من ذلك فقال فيها مخاطبا لله تعالى -كما أجمع عليه شراحه- بضمير المؤنث من أولها إلى آخرها وهي نحو سبعمائة٣ بيت، ولو خاطب أحد من أهل الزمان غيره بمثل ذلك٤ قاتله، لكن الناس لا يحلمون إلا عند حقوق مولاهم سبحانه، وأما في حقوقهم، فهم في غاية الحدة والمشاححة٥، والله الهادي.


١ في هامش الأصل: لعله: منه.
٢ سبق نقل هذا عن ابن عربي وتعليقي عليه.
٣ بل تقارب الثمانمائة.
٤ أي: بمثل غزله الماجن في الذات الإلهية.
٥ مثال ذلك حنق الصوفية على كل من يذود عن الكتاب والسنة، ومن =

<<  <  ج: ص:  >  >>