للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه يذكر أحاديث صحاحا، ويحرفها على أوجه غريبة، ومناح عجيبة، فإذا تدرج معه من أراد الله -والعياذ به- ضلاله، وصل -ولا بد- إلى مراده من الانحلال من كل شرعة، والمباعدة لكل ملة. وخواص أهل هذه النحلة يتسترون [٣] بإظهار شعائر الإسلام، وإقامة الصلاة والصيام، وتمويه الإلحاد بزي التنسك والتقشف، وتزويق الزندقة بتسميتها: بعلم التصوف، فهو ممن أشار إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يقرءون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية١".

وقد أصل لهم غويهم هذا كما صرح به في الفص النوحى: أن الدعوة إلى الله مكر!! ونسب ذلك إلى الأنبياء عليهم السلام، فقال: ادعوا إلى الله. فهذا عين المكر.. إلى آخر كلامه.

وهذا هو السر في تنسكهم، على أنهم قد استغنوا في هذا الزمان عن التنسك؛ لانقياد أهله بغير ذلك, وقد يستدرجهم الله وأمثالهم -ممن يريد ضلاله- بإظهار شيء من الخوارق على أيديهم، كما يظهره الله على يد الدجال، وأيدي بعض الرهبان، فليتبين الموقن من المرتاب.

[مثالهم في زندقتهم]

وقد ضربوا -لتصحيح زندقتهم- مثالا مكروا فيه بمن لم ترسخ قدمه في الإسلام، ولا خالط أنفاس النبوة، حتى صار يدفع الشبه. حاصل ذلك المثال: أنهم يصلون إلى الله بغير واسطة المبعوث بالشرع٢، فتم لهم المكر,


١ من حديث رواه البخاري -واللفظ له- ومسلم وأبو داود والنسائي.
٢ قال ابن عربي: "علماء الرسوم يأخذون خلفا عن سلف إلى يوم القيامة، فيبعد النسب. والأولياء يأخذون عن الله ألقاه في صدورهم" المناوى ص٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>