٢ يقول: كل ما تقع العين عليه في الحياة، فهو الله، سل الصوفي في المواخير من ترى ثم؟ وسل الصوفي يرعى الخنازير ماذا تسوق؟ وسل الصوفي يرى الجيف المنتنة والرمم البالية ماذا ترى؟ إنك ستسمعه مجيبا -وهو يحدجك بالنظرة الساخرة- إنه الله، هذا معنى الشطر الأول من البيت، أما الشطر الثاني فيزعم فيه الزنديق: أن كل ما نحكم به على الأشياء فهو في الحقيقة محكوم به على الله سبحانه، إذ هو في إفك الزنادقة عين كل شيء فإذا حكمت على شيء بأنه جماد، أو عجل، وصنم، ورجس، أو جيفة؛ كانت تلك الأحكام كلها واقعة على رب الصوفية كما يدينون؛ لأنها ليست شيئا آخر غير هذا الرب الصوفي. ٣ يريد بها هنا ما يقبل التأثير، يقول الزنديق: اجعل نفسك بحيث تتقبل كل معتقد، وترضى به، وتعتقد أنه حق، واحذر أن تنكر على المشرك شركه، أو على المجوسي مجوسيته. واحذر أن تقيد نفسك بدين خاص، وتحارب سواه، فالآلهة المعبودة في كل دين هي في حقيقتها الإله الواحد، وإن تك كواكب أو أحجارا، أو موتى.. وكل عابد لأي منها عابد لله، فما ذلك المعبود إلا عين ذات الله!! وتعالى الله عن إفك الزنادقة.