للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاذب فاجر، كافر في القول والاعتقاد، ظاهرا وباطنا، وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها، فهو كافر بقوله، ضال بجهله، ولا يعذر في تأويله لتلك [الألفاظ] إلا أن يكون جاهلا بالأحكام جهلا تاما عاما، ولا يعذر في جهله لمعصيته، لعدم مراجعة العلماء والتصانيف١ على الوجه الواجب من المعرفة في حق من يخوض في أمر الرسل ومتبعيهم، أعني معرفة الأدب في التعبيرات، على أن في هذه الألفاظ ما يتعذر، أو يتعسر تأويله، بل كلها كذلك، وبتقدير التأويل على وجه يصح في المراد، فهو كافر بإطلاق اللفظ على الوجه الذي شرحناه. وأما دلائل ذلك فهي مذكورة في تصانيف العلماء، وفيما ألفته أيضا في بعض المسائل وليست هذه الورقة مما تسع الكلام على أقوال هذا المصنف٢ لفظة لفظة.

[مسألة الوعيد]

لكن مسألة الوعيد -يعني التي قال فيها ابن عربي: وما لوعيد الحق عين تعاين-٣لا بد فيها من نبذة لطيفة للضرورة. اعلم [٤٥] أنه ثبت بالدلائل العقلية والسمعية، وإجماع المسلمين أن قول الله حق، وخبره صدق، وذلك واجب له لذاته سبحانه وتعالى، ومن أنكر أن خبر الله حق، أو أن وعده ووعيده صدق فهو كافر بإجماع المسلمين، وإنما قال بعض الناس من الأصوليين: إنه لا يجب وقوع الوعيد بتأويل مقرر في الأصول، وحقيقته ترجع إلى أن كلام الله تعالى منزل على عادة العرب في تخاطبها، وعادتها إذا أوعدت بالعقوبة -وإن كانت


١ ما دام قادرا على مراجعة التصانيف، فالواجب عليه قبل كل شيء: تدبر آيات الله سبحانه، ففي قبس واحد من نوره ما يبدد باطل التصوف وضلاله، أما أن ندعوه إلى مراجعة التصانيف دون الكتاب والسنة، فهي دعوة إلى اتخاذ أرباب من دون الله، وهي بعينها دعوة التصوف.
٢ يقصد فصوص الحكم لابن عربي.
٣ يعني: إنكار ابن عربي وقوع العذاب على المشركين والكافرين يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>