للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حيوان، ومن ثم إلا حيوان، إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا، إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد، ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه١ من حقائق العالم فمن عم إدراكه، كان الحق أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم، فلا تحجب بالتفاضل، وتقول: لا يصح كلام من يقول: إن الخلق هوية الحق، بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها [هي] الحق، ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله٢".

الضال مهتد, والكافر مؤمن:

ثم قال: "نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه، لكون نواصينا في يده، وتستحيل مفارقتنا إياه، فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤] ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه، فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم٣" ثم قال في فص حكمة وجودية في كلمة داودية {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] وإن اتفقا، فنحن نعلم أنهما لو اختلفا [تقديرا] لنفذ حكم أحدهما فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله، ومن هنا تعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى: شرعا؛ إذ لا ينفذ حكم إلا الله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة٤".


١ في الأصل: يذكرونه.
٢ص ١٥٣ فصوص الحكم.
٣ص ١٥٨ فصوص.
٤ص ١٥٦ فصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>