للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأي السعد التفتازاني:١

وهذا المعنى الأخير هو الذي أراده الشيخ سعد الدين التفتازاني، بالمذهب الثاني، من قوله في شرح المقاصد: "وههنا مذهبان آخران يوهمان الحلول والاتحاد وليسا منه في شيء.

الأول: أن السالك إذا انتهى سلوكه إلى الله تعالى في الله يستغرق في بحر التوحيد والعرفان بحيث تطمحل ذاته في ذاته، وصفاته في صفاته ويغيب عن كل ما سواه، ولا يرى في الوجود إلا الله، وهو الذي يسمونه: الفناء في التوحيد، وإليه يشير الإلهي٢: "إن العبد لا يزال يتقرب إليّ حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به٣". وحينئذ ربما تصدر عنه عبارات تشعر بالحلول٤، أو بالاتحاد لقصور العبارة عن بيان تلك الحال، وبعد الكشف عنها بالمثال، ونحن على ساحل التمني نعترف٥ من بحر التوحيد بقدر الإمكان، ونعترف بأن طريق الفناء فيه العيان٦ دون البرهان، والله الموفق.


١ مسعود بن عمر بن عبد الله ولد سنة ٧١٢، وتوفي سنة ٧٩٢هـ.
٢ يقصد: الحديث القدسي، وقد روي هذا مختصرا جدا.
٣ سيرد الحديث بتمامه والتعليق عليه.
٤ ما تقرب إنسان في الوجود إلى الله بمثل ما تقرب إليه به عبده ورسوله وخليله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم تصدر عنه مثل تلك العبارات الطافحة بإثم الإلحاد، والتي يأفك الصوفية أنها روحانية الأنس تفيض من حظائر القدس. بل كل ما صدر عنه توحيد لله سبحانه خالص في ربوبيته وإلهيته، وتسابيح عبودية تستشعر الخوف والرجاء، وتبتهل إلى الله أن يغمرها برضاه، وأن يغفر لها كل ما تشعرها به روحانية الإيمان أنه ذنب.
٥ لعلها: نغترف.
٦ يقصدون معاينة الذات تصدر عنها أفعالها. وتصرف في الكون أقدارها. وإبراهيم خليل الله أراه الله ملكوت السموات والأرض، وموسى، كله الله من وراء =

<<  <  ج: ص:  >  >>