للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض ما كفر به العراقي ابن عربي]

قال الشيخ زين الدين العراقي في جواب السؤال المذكور: "هذا الكلام كفر من قائله من وجوه:

أحدها: أنه نسب موسى عليه السلام إلى رضاه بعبادة قومه للعجل.

الثاني: استدلاله بقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] على أنه قدر١ أن لا يعبد إلا هو، وأن عابد الصنم عابد له، الثالث: أن موسى


١ يفسر الزنديق قضى بقدر وحكم، ثم يستطرد فيقول: وكل ما قدره الله، أو حكم به فلا بد من وقوعه، ومما وقع عبادة العجل وعبادة الصنم، والنار والكواكب وغيرها، وهذا دليل على أن عبادة هذه الأشياء حكم إلهي قدره الله فوقع، ولما كان الله سبحانه لا يمكن أن يحكم بعبادة غيره، بدليل: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} كان هذا دليلا على أن تلك المعبودات ليست شيئا غير الله سبحانه، بل هي عينه، وعلى أن عابديها لم يعبدوا إلا الله، هذا ما يهدف إليه ابن عربي من تفسيره لقضى: بقدر وحكم، وإليك ما يرد به الشيخ الجليل ابن تيمية على تلبيس ابن عربي وبهتانه هذا: "احتج الملحدون بقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} قالوا: وما قضى الله شيئا إلا وقع، وهذا هو الإلحاد فى آيات الله وتحريف الكلم عن مواضعه، والكذب على الله، فإن قضى هنا ليست بمعنى القدر والتكوين بإجماع المسلمين، بل وبإجماع العقلاء، حتى يقال: ما قدر الله شيئا إلا وقع، وإنما هي بمعنى: أمر. وما أمر الله به، فقد يكون، وقد لا يكون، فتدبر هذا التحريف، وكذلك قوله: ما حكم الله بشيء إلا وقع كلام مجمل، فإن الحكم يكون بمعنى الأمر الديني، وهو الأحكام الشرعية، كقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} الآية. وكقوله: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} ويكون الحكم حكما بالحق والتكوين والعقل، كقوله: {لَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لي} وقوله: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} ولهذا كان بعض السلف يقرءون "ووصى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه" وذكروا أنها كذلك في بعض المصاحف، ولهذا قال في سياق الكلام: وبالوالدين إحسانا، وساق أمره
=

<<  <  ج: ص:  >  >>