٢ كم سجل الهوى في التاريخ البطولة للرعديد، والقدسية للداعر، والعدالة للطاغية، والجماعة الإنسانية التي تتعدد، وتتباين فيها المقاييس الدينية والخلقية والاجتماعية تختلف على نفسها في تقدير قيم الحقائق والأشياء، وبالتالي فيمن تنسب إليهم هذه القيم إثباتا أو نفيا، لذا أمر الله سبحانه أن يجعل المسلمون كتاب الله وسنة نبيه حكما بينهم، يحتكمون إليها كما شجر بينهم خلاف، حتى يقوموا حقائق الأشياء بالحق والعدل، ويحكموا في أقضيتهم بالحق والعدل، فلا يبدد الخلاف وحدتهم، ولا يذهب بهم الهوى شيعا وأحزابا. وقد حدد الكتاب والسنة مفهوم التوحيد والشرك، ومفهوم الإيمان والكفر، بل والخير والشر، وضرب الله سبحانه لنا أمثالا ممن حكم عليهم بواحد منها. فبجانب نوح عليه السلام ذكر ابنه وبجانب إبراهيم عليه السلام ذكر أباه آزر، وبجانب موسى وهارون عليهما السلام ذكر الله فرعون وهامان وقارون، وبجانب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر أبا لهب بالاسم، وغيره بالصفة، وبجانب مريم وامرأة فرعون ذكر امرأة نوح وامرأة لوط، ذكر الأولون في مقام الثناء عليهم، وإسباغ الرضى والرحمة، وذكر الآخرون في مقام الذم وصب الغضب واللعنة عليهم، مع ذكر أسباب الثناء وأسباب الذم، لتكون لنا بالصالحين نعم القدوة، فنسعى سعيهم ما استطعنا، وفي الطالحين العظة =