للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي القاسم ابن عساكر، وحدث: سمعت شيئا من شعره، وقال الحافظ رشيد الدين العطار في معجمه: الشيخ الفاضل الأديب كان حسن النظم متوقد الخاطر، وكان يسلك طريق التصوف، وينتحل مذهب الشافعي، وأقام في مكة مدة، وصحب جماعة من المشايخ.. وقال الحافظ أبو بكر بن مسدي١: برع في الأدب، فكان رقيق الطبع، عذب النبع، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، سلس القيادة، نبيل الإصدار والإيراد، وتصرف فتصوف، فكان كالروض المفوف، وتخلق بالزي، وتزيا بالخلق، وجمع كرم النفس كل مفترق" انتهى كلام الشيخ ولي الدين. وما قاله هؤلاء الأئمة ليس فيه مناقضة لكلامه أولا في الحكم عليه بالاتحاد، فإنهم لم يقضوا على التائية ونحوها، وأما قوله: إن صح ذلك عنه، فهو على طريق من يعتبر في الكتب المشهورة إسنادا خاصا، وهي طريقة غير مرضية٢، والصحيح أنها لا تحتاج إلى ذلك، بل الشهرة كافية٣، والله الموفق.

رأي السكوتي:

وقال الإمام أبو علي ابن خليل السكوتي في كتابه: تحت العوام، فيما يتعلق


١ هو محمد بن يوسف الأزدي الفرناطي قتل بمكة سنة ٦٦٣، قال عنه الذهبي: "له أوهام، وفيه تشيع، ورأيت جماعة يضعفونه.
٢ في الأصل: غير ضية.
٣ ثبوت نسبة التائية إلى ابن الفارض حقيقة لا ينتطح فيها عنزان. ونحن لا يعنينا كونها له، أو لغيره، ما دام الصوفية أنفسهم، يقرون بنسبتها إليه، ويدينون بما فيها، بل ما سموه سلطان العاشقين إلا بها، ويؤمنون بأنها أروع تعبير عن الحب الإلهي الذي يجعل المحب عين الحب وعين الحبيب، ولكن ليغضب الصوفية لسلطان عاشقيهم ما شاءوا، وليتهموا منتقديه بعمى البصيرة، فكل هذا الدوي الراعد الجبانة لن يضيع دوي الحق معلنا في قوة وشجاعة وإيمان أن تصوف ابن الفارض ما هو إلا أخبث تعبير عن الزندقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>