للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يبق إلا الحق، لم يبق كائن ... فما ثم موصول, ومن ثم بائن

بذا جاء برهان العيان، فما أرى ... بعيني إلا عينه إذا أعاين١

[النار عين الجنة عند الصوفية]

ثم قال: "الثناء بصدق الوعد, لا بصدق الوعيد [والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات، فيثني عليها بصدق الوعد، لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز] {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} [إبراهيم: ٤٧] لم يقل: ووعيده٢، بل قال: {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ ٣} مع أنه توعد على ذلك، فأثنى على إسماعيل عليه الصلاة والسلام بأنه كان صادق الوعد.

فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... وما لوعيد الحق عين تعاين

وإن دخلوا دار الشقاء، فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين

نعيم جنان الخلد٤ فالأمر واحد ... وبينها٥ عند التجلي تباين

يسمى عذابا من عذوبة لفظه ... وذاك لكالقشر، والقشر صائن٦


١ ص٩٢-٩٣ فصوص.
٢ في الأصل: وعيده بدون واو العطف.
٣ يعني قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: ١٦] ويحملها على الكفرة والمشركين، ليخلص من ذلك إلى إثبات ما يقرره؛ وهو أن لا عذاب يوم القيامة، لأن الله وعد في هذه الآية بالتجاوز عن السيئات. فتأمل!!
٤ الجنة عند الصوفية: هي عرفان المرء بنفسه، ليدرك بهذه المعرفة أنه هو الله وهذا ما يفسرون به الحديث الموضوع: "من عرف نفسه فقد عرف ربه" والجحيم عندهم: هو ما يغيم على النفس من أوهام الكثرة، فتخدعها عن الحقيقة، فتظن المغايرة بين الخلق والحق. وهذا الظن هو الجحيم!!
٥ في الأصل: وما بينهما.
٦ ص ٩٣-٩٤ فصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>