للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجاز- عنها إلى أمر آخر، يقتضي التنزيه عقلا، فإن كان الذي يعبرها ذا كشف وإيمان، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها [٢٩] حقها١ في التنزيه، ومما ظهرت فيه، فالله على التحقيق عبارة٢ لمن فهم الإشارة٣".

[الداعي عين المجيب]

ثم قال: "ومن ذلك قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] قال الله: {إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه٤ وإن كان عين الداعي عين المجيب، فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك٥، وتلك الصور كالأعضاء لزيد، فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله، ولا رأسه ولا عينه، ولا حاجبه، فهو الكثير بالصور الواحد بالعين كالإنسان بالعين واحد بلا شك، ولا نشك أن عمرا ما هو زيد، ولا خالد، ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا، فهو وإن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص، وقد علمت قطعا -إن كنت مؤمنا- أن الحق عينه يتجلى يوم القيامة في صورة، فيعرف، ثم يتحول في صورة، فينكر، ثم يتحول عنها في صورة، فيعرف، وهو هو المتجلى ليس


١ في الأصل: من.
٢ في الأصل: عبادة.
٣ ص١٨٢ فصوص.
٤ في الأصل: غيره بعد كلمة يدعوه.
٥ الأمر بالدعاء يقتضي الاثنينية والغيرية، أعني يستلزم وجود داع ومجيب، لذ راح الزنديق يزعم أنها اثنينية وهمية، وغيرية صورية، فالداعي هو الله تعين في صورة من يدعو، والمجيب هو الله تعين في صورة من يجيب، فهما غيران في الصورة، واحد في الحقيقة. ولذا يقول: الداعي عين المجيب، وما إخال القارئ في حاجة إلى البيان عما في هذا من تخريف كافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>