للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدا ماء للعرب يضرب المثل به لعذوبته، والنقيع: البئر الكثيرة الماء، يقول معللا البيت السابق الذي حاصله: أمره باتباع شريعته، والورود في سبيل هداه وطريقته، ونهى عن متابعة غيره ممن يدعي التحقيق في العلم والمعرفة الحقيقية نحو علماء الظاهر من الأصوليين والفلاسفة: أن المورد العذب الهنيء النافع عندي، ويختص بمشربي، وهو المفهوم المطابق من الكتاب والسنة، وإشاراتهما الغامضة بلا تأويل عقلي وتقليد، بل على ما هو الأمر عليه، فإن استطعت أن تخوض فيه، وتشرب منه، وإلا فدعني من سراب علوم علماء الظاهر١، وتأويلاتهم ومفهوماتهم التي ظاهرها لأجل الفصاحة، وتركيب الدلائل، تظهر وتغر السامع الغر٢، فيحسبها شيئا نافعا له، فإذا فتش عن حقيقتها لم يجد شيئا، ولا تحقيق، ولا معرفة فيها، ولا طائل تحتها، وكذلك دلائل الفلسفة في المسائل الإلهية، تغر، ولا تقر. ولا تذكر عندي مذاهبهم ومقالاتهم ودلائلهم، ولا تلتفت إلى ذلك تفز فوزا عظيما.

هذا كلام الفرغاني الذي يثني ابن بنت ابن الفارض في مقدمة [٢١] الديوان عليه، وشهد له أنه على نفس جده٣، وهكذا يفعل في كل الأبيات مهما وجد شيئا من المتشابه في الكتاب أو السنة أجراه على ظاهره٤، وجعله حجتهم في


١ يعني الآخذين بأحكام الشريعة، والمتفقهين فيها.
٢ الجاهل بالأمور الغافل عنها.
٣ لعله سقط من الكلام, كلمة: مذهب أو طريقة قبل كلمة جده. ٤ لو أجرى الكلام على ظاهره لنعم فكرا بالحقيقة، وقلبا باليقين، ونفسا بالهدى، ولكنه أجراه على هوى شيطانه. وألمح من قول البقاعي أنه يعني بالمتشابه آيات الصفات وأحاديثها، فإن يك فقد زل به فهمه، وقلد في هذا الزلل غيره، فآيات الصفات محكمات هن من أم الكتاب يجب إجراؤها على ظاهرها، أي: على =

<<  <  ج: ص:  >  >>