للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويختلف، ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز, فيقال: هذا ليس هذا من حيث صورته، أو عرضه، أو مزاجه كيف شئت، فقل: وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا تؤخذ عين الجوهر في حد كل صورة، أو مزاج، فنقول نحن: إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم١ أن مسمى الجوهر الفرد -وإن كان حقا- ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي فهذا حكمة كونه: لطيفا٢، ثم نعت، فقال: خبيرا، أي: عالما عن اختبار٣، وهو قوله: ولنبلونكم حتى نعلم، وهذا هو علم الأذواق، فجعل الحق نفسه -مع عمله بما هو الآمر عليه- مستفيدا علما، ولا نقدر٤ على إنكار ما نص الحق عليه [في حق نفسه] ، ففرق تعالى بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى وقد قال عن نفسه: إنه عين قوى عبده في قوله: كنت سمعه. وهو قوة من قوى العبد. وبصره, وهو قوة من قوى العبد ولسانه، وهو عضو من أعضاء العبد، ورجله، ويده، فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب، حتى ذكر الأعضاء، وليس العبد بغير لهذه٥ الأعضاء والقوى، فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد٦، فإن النسب متميزة لذاتها٧ وليس المنسوب إليه متميزا [٣١] فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب، فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات، فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في٨


١ يقصد القائلين بالجوهر الفرد من الأشاعرة.
٢ يعني اسم الله سبحانه في قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: ٣٤] .
٣ ينسب العلم الاختباري إلى الله، بيد أنه يفسره بأنه العلم الذوقي، وهذا عنده مقيد بالقوى التي تفيده وصادر عنها، والزنديق يفتري أن الله سبحانه عين قوى العبد وأعضائه، وعلى العبد مستمد من هذه القوى والأعضاء فعلم الحق عنده هو ما يعلمه العبد عن طريق قواه وأعضائه، إذ ليس الحق شيئا سوى هذا العبد!!
٤, ٥, ٦, ٧, ٨ في الأصل: يقدر, غير هذه, اليد, لذواتها, من.

<<  <  ج: ص:  >  >>