للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...............................................


= واستدلوا على إفكهم بأساطير: أولا: الولي يعلم الشريعة والحقيقة، خبير بالظاهر والباطن، والنبي والرسول لا يعلمان سوى الشريعة أو الظاهر فحسب.
ثانيا: الرسالة والنبوة محددتان بالزمان والمكان. ولذا تتقاطعان، وقد انقطعتا فعلا، أما الولاية فلا تحدها مكانية ولا زمانية. بل هي صنو الديمومة والسرمدية والانطلاق. ثالثا: الرسول لا يستمد معرفته عن الله مباشرة، بل بواسطة ملك يبلغ الوحي الإلهي، أما الولي فيستمد الحقيقة فيضا مباشرا من باطن الحقيقة المحمدية: أي ذات الله مع التعين الأول. رابعا: أفضل أسماء الله هو الولي، وكل موجود هو اسم إلهي تعين في صورة هذا الموجود، فيكون الموجود الذي تعين فيه الله باسمه الولي، أفضل من الذي تعين فيه باسمه الرسول أو النبي، ولما كان للنبيين خاتم، فكذلك للأولياء خاتم، وهو يستمد فيوضات علم الحقيقة مباشرة عن الروح المحمدي، وهو أشبه ما يكون بالعقل الأول عند أفلوطين، أو بالكلمة في المسيحية المفلسفة.
وإليك ما يذكره ابن عربي عن خصائص الولاية وخاتم الأولياء "واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العام، ولهذا لم تنقطع، وأما نبوة التشريع والرسالة، فمنطقة، والرسول من حيث هو ولي أتم من حيث هو نبي ورسول، فمرجع الرسول والنبي إلى الولاية والعلم" ثم يقول عن علم الحقيقة "ما يراه أحد من الأولياء إلا من مكشاة الولي الخاتم، حتى إن الرسل لا يرونه -متى رأوه- إلا من مشكاة خاتم الأولياء" ثم يقول عن الخاتم: "وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب". أنظر ص١٣٤، ص٦٢، ص٦٤ من فصوص الحكم ط الحلبي، ولعل أول من زمزم لهم بهذه الأسطورة الكهنوتية: هو محمد بن علي بن الحسن بن بشر المعروف بالحكيم الترمذي -وهو غير صاحب السنن- وألف فيها كتابا سماه "ختم الولاية" زعم فيه أن خاتم الأولياء يكون في آخر الزمان، وأنه أفضل ممن تقدمه من الأولياء، ومن أبي بكر وعمر، ومن خصائصه عند اشتغاله بالأعمال القلبية أكثر من اشتغاله بالعبادة، ولذا زعم الحكيم الترمذي: أن الولاية أفضل من النبوة، ووضوح الباطل في هذه الأساطير بين لا يحتاج إلى بيان. وقد رد الإمام ابن تيمية عليها في الجزء الرابع ص٥٧ مجموعة الرسائل والمسائل. هذا دين الصوفية في الولاية والولي وخاتمهم، ومنه توقن: لم يضف الصوفية إلى أوليائهم قدرة الله وعلمه وحكمته وربوبيته وإلهيته؟ وتوقن: لم نحارب هذه الولاية المزعومة, وسنظل بعون الله ندمر هذه الطواغيت والأصنام، داعين الناس إلى أن يكونوا من أولياء الله الذين وصفهم رب العالمين: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>