للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: ١٧] وقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة: ٣١] {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥] ولأمر١ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قتاله لكل من سمى شيئا غير الله إلها، فقال شعر:

فبي دارت الأفلاك عجبا لقطبها الـ ... ـمحيط بها، والقطب٢ مركز نقطتي


١ معطوفة على قوله قبل: لقوله تعالى.
٢ زيادة على ما ذكرته قبل عن القطب عند الصوفية أقول هنا: القطب عندهم نوعان. قطب قديم أو معنوي، وقطب حادث أو حسي. فإن كان بالنسبة إلى ما في عالم الشهادة من الخلق، فهو القطب الحادث أو الحسى، وهذا يستخلف بدلا منه عند موته أقرب الأبدال منه، إذ كان هو قبل القطبية بدلا، ثم استخلفه القطب الذي كان قبله عند موته، وإن كان بالنسبة إلى ما في عالم الغيب والشهادة من تعينات الوجود المطلق، فهو القطب القديم، أو المعنوي، لا يستخلف عنه بدلا، ولا يقوم أحد من الخلائق مقامه، إذ هو قطب الأقطاب المتعاقبة في عالم الشهادة، فلا يسبقه قطب ولا يخلفه آخر، أي: ليس قبله قبل، ولا بعده بعد والقطب القديم هذا هو الروح المصطفوي، أو الحقيقة المحمدية، أو هو الله -وسبحان رب العالمين- حين عرف نفسه في أول صورة تعين فيها، وسماها الحقيقة المحمدية، ومن خصائص هذا القطب القديم وجود كل الأفلاك بوجوده، ودورانها به، وحوله، وإحاطة علمه وقدرته بأقطارها، وسمو رتبته وشرفه عن ذرى رتبتها وسنام شرفها. وهنا يزعم لبن الفارض أنه هو هذا القطب القديم، يعني قطب الأقطاب، يعنى أنه الله سبحانه!! يزعم أن علمه محيط بكل شيء، وأن قدرته تصرف لمشيئته كل شيء، وأنه فوق كل شيء بالشرف والرتبة، وأنت -ولا ريب- على ذكر من أن الله سبحانه هو وحده الذي يحيط علمه بكل ما في عالم الغيب والشهادة وغير هذا مما لا يوصف به إلا الله سبحانه وتعالى وحده. وأنت -ولا ريب- مدرك من قول ابن الفارض أنه ينسب كل هذه الصفات الإلهية لنفسه، فهل يجوز أن يعتريك وهم في أن ابن الفارض يقرر أنه هو الله ذاتا وصفة وعلما وقدرة، أعني له الربوبية والإلهية "انظر ص١٠٣جـ٢ كشف الوجوه الغر، لعبد الرازق القاشاني المطبوع على هامش شرح ديوان ابن الفارض ط ١٣١٠هـ المطبعة الخيرية" فعنه بخاصة كتبت ما كتبت عن القطب، وإن كان لنا شيء فالأسلوب وحده. كل هذا لنقطع على الصوفية سبيل ادعاء أن ما نقول مفترى عليهم، فلا والله ما نأخذ ما نكتبه عنهم إلا من كتب آلهتهم!!

<<  <  ج: ص:  >  >>