للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن دعيت كنت المجيب وإن أكن ... منادى أجابت من دعاني، ولبت

[٧٠] وإن نطقت كنت المناجي، كذلك إن ... قصصت حديثا إنما هي قصت

فقد رفعت تاء المخاطب بيننا١ ... وفي رفعها عن فرقة الفرق٢ رفعتي

فإن لم يجوز رؤية اثنين واحدا ... حجاك، ولم يثبت لبعد تثبت

سأجلو إشارات عليك خفية ... بها, كعبارات لديك جلية

وأثبت بالبرهان قولي. ضاربا ... مثال محق، والحقيقة عمدتي

بمتبوعة ينبيك في الصرع غيرها ... على فمها في مسها حين جنت٣

ومن لغة تبدو بغير لسانها ... عليه براهين الأدلة صحت

وفي العلم حقا أن مبدي غريب ما ... سمعت سواها، وهي في الحس أبدت


١ الخطاب يستلزم الاثنينية، إذ يقتضي وجود مخاطب، ومخاطب، لذا ينفي ابن الفارض الخطاب، ليثبت من وراء نفيه، أنه ما ثم غيره حتى يخاطبه، وإنما هناك ذات واحدة، هي الذات الإلهية المتعينة في صورة ابن الفارض, أو لعله يريد أن تاء المخاطب -وهي مفتوحة- تحولت إلى تاء المتكلم وهي مضمومة، فبدل أن يقول: أنت خلقت، أصبح يقول: أنا خلقت.
٢ الفرق عند الصوفية: "شهود قيام الخلق بالحق، ورؤية الوحدة في الكثرة، والكثرة في الوحدة من غير احتجاب صاحبه بأحدهما عن الآخر" جامع الأصول في الأولياء. فالفرق لا يزال مشوبا بالغيرية، لذا يزعم ابن الفارض أنه تسامى عن هذه المرتبة التي يشعر فيها السالك أن ثمت بينه وبين الله سبحانه وجها ما من وجوه الغيرية، وأنه في أفق يوقن فيه وتحقق منه أنه هو عين الذات الإلهية.
٣ سبق هذا البيت وتعليقي عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>