للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المراد، وهي: "فالسمع والبصر, وغيرهما من الصفات في أي موصوف كان هو الله حقيقة" وسيأتي كلام القشيري [٧٢] والسهروردي: أن هذا زندقة، وساق ابن الفارض بعد الأبيات الماضية ما زعم أنه يدل على دعواه الاتحاد وأنه إذا دل على ذلك انتفى الحلول، فقال:

ولست على غيب أحيلك لا, ولا ... على مستحيل موجب سلب حليتي

وكيف، وباسم الحق ظل تحققي ... تكون أراجيف الضلال مخيفتي؟

وها دحية١ وافى الأمين٢ نبينا ... بصورته في بدء وحي النبوة


= سبق الحديث وبيان سنده والرد على ما استنبطه منه الزنادقة. وأنقل لك هنا طرفا مما شرح به ابن قيم الحديث لترى كيف يفهم المؤمنون، ويهرف بالزندقة الصوفيون "وخص في الحديث السمع والبصر واليد والرجل بالذكر، فإن هذه آلات الإدراك وآلات الفعل، والسمع والبصر يوردان على القلب الإرادة والكراهة، ويجلبان إليه الحب والبغض، فتستعمل اليد والرجل، فإذا كان سمع العبد بالله وبصره به كان محفوظا في آلات إدراكه، فكان محفوظا في حبه وبغضه، فحفظه في بطشه ومشيه، فمتى كان العبد بالله هانت عليه المشاق، وانقلبت المخاوف في حقه أمانا، فبالله يهون كل صعب، ويسهل كل عسير، ويقرب كل بعيد، وبالله تزول الأحزان والهموم والغموم، فلا هم مع الله، ولا غم مع الله، ولا حزن مع الله. ولما حصلت هذه الموافقة مع العبد لربه في محابه، حصلت موافقة الرب لعبده في حوائجه ومطالبه، فقال: "ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه" أي: كما وافقني في مرادي بامتثال أوامري والتقرب إلي بمحابي، فأنا أوافقه في رغبته ورهبته فيما يسألني أن أفعل به، ويستعيذني أن يناله مكروه" اقرأ الشرح كاملا في الجواب الكافي لابن قيم ط السنة المحمدية ص٢٠٢ وما بعدها.
١ هو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة، صحابي مشهور، أول مشاهده الخندق، وقيل: أحد. كان مضرب المثل في حسن الصورة، حتى كان جبريل ينزل بصورته، عاش رضي الله عنه إلى خلافة معاوية "أسد الغابة، الإصابة، الاستيعاب"
٢ جبريل عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>