للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبيت الذي بعده أشد كفرا١، ثم قال:

ولي عن مفيض الجمع عند سلامه ... علي بأو أدنى إشارة نسبة

قالوا في شرحه: "إنه لما فني في النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم بقي به حصة بمشاركته في قبول عين السلام من حيث عين ذلك المقام -وهو مقام: أو أدنى-


= وقد اختاروا تسميته بهذا الاسم بالذات، لأن الرحمن عندهم: "اسم الحق باعتبار الجمعية الأسمائية التي في الحضرة الإلهية: الفائض منها الوجود وبقية الكمالات على جميع الممكنات" فهو مرادف للوجود المطلق، وقد سبق البيت الذي نقله المؤلف عن ابن عربي من الفصوص، والذي يقول فيه:
فكن حقا، وكن خلقا ... تكن بالله رحمانا
وهكذا يتغالى الصوفية في الزندقة حتى ليأبى الواحد منهم أن يقال عنه: إنه إله تعين في صورة خلقية، ولا يحب إلا أن يقال عنه: إنه هو الوجود المطلق، أو هوية الحق قبل أن تتعين في شيء ما، حتى في الحقيقة المحمدية.
١ هذا البيت هو.
وعن أنا، إياي لباطن حكمة ... وظاهر أحكام أقيمت لدعوتي
ويريد الزنديق بهذا: أنه نال كل مراتب التوحيد، حتى بلغ المرتبة الأخيرة منه فالأولى: فناء عين التفرقة وبقاء أثرها. وصاحب هذه المرتبة يقول: أنا الحق, أو أنا الله. ولكن هذه قضية ذت محمول وموضوع، والحمل يستلزم الاثنينية نعم هو حمل صوري لأن المحمول عين الموضوع. ولكن اختلاف لفظيهما يوهم الغيرية. لذا يرفض الزنديق هذه المرتبة. الثانية: فناء التفرقة عينا وأثرا.
وصاحب هذه المرتبة يقول: أنا أنا. ولكن ما زال ثم قضية فيها محمول وموضوع ولذا يرفض الزنديق هذه المرتبة أيضا. الأخيرة: وهذه لا تسعف فيها العبارة، ولا تومئ إليها إشارة، وغاية ما يستطيع العارف عندهم هو أن يقول عن نفسه: أنا فحسب، غير مدرك بإدراك ما, ولا شاعر بشعور ما: أن هنالك ما يمكن أن يحمل عليه، أو يوضع له، إذ ما ثم غير ولا سوى. هذا هو مراد الزنديق. غير أنه يزعم أنه رضي وتنزل إلى مرتبة التعين في الخلق، ليبرز مكنون قدرته، وإمكانيات وجوده المطلق الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>