للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلا بد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة، وهذا مما لا سبيل إليه البتة، فإن الأحاديث الواردة في التوسل به -صلى الله عليه وسلم- تنقسم إلى قسمين: صحيح وضعيف، أما الصحيح فلا دليل فيه البتة على المدعي مثل توسلهم به -صلى الله عليه وسلم- في الاستسقاء، وتوسل الأعمى به -صلى الله عليه وسلم- فإنه توسل بدعائه -صلى الله عليه وسلم- لا بجاهه ولا بذاته -صلى الله عليه وسلم-، ولما كان التوسل بدعائه -صلى الله عليه وسلم- بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن كان بالتالي التوسل به -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته غير ممكن وغير جائز، ومما يدل على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر -رضي الله عنه- توسلوا بعمه -صلى الله عليه وسلم- العباس، ولم يتوسلوا به -صلى الله عليه وسلم- وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه -صلى الله عليه وسلم- ولذلك توسلوا بعده -صلى الله عليه وسلم- بدعاء عمه لأنه ممكن ومشروع، كذلك لم ينقل أن أحداً من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى، ذلك لأن السر ليس في قول الأعمى: (اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمه … ) وإنما السر الأكبرفي دعائه -صلى الله عليه وسلم- له كما يقتضيه وعده -صلى الله عليه وسلم- إياه بالدعاء له، ويشعر به قوله في دعائه: (اللهم شفعه فيَّ) أي: أقبل شفاعته -صلى الله عليه وسلم- أي دعاءه فيَّ (وشفعني فيه) أي أقبل شفاعتي أي دعائي في قبول دعائه -صلى الله عليه وسلم- فيَّ فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء كما يتضح للقارئ الكريم بهذا الشرح الموجز، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع، ولهذا أنكر الامام أبو حنيفة فقال: (أكره أن يسأل الله إلا بالله) كما في "الدر المختار" وغيره من كتب الحنفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>