وأما قول الكوثري في "مقالاته"(ص: ٣٨١) وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل "تاريخ الخطيب" بسند صحيح. فمن مبالغاته بل مغالطاته فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال نبأنا علي بن ميمون قال سمعت الشافعي يقول: (إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائراً - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى)، فهذه رواية ضعيفة بل باطلة، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو عمرو -بفتح العين- ابن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي وقد ترجمه الخطيب (١٢/ ٢٢٦) وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجاً سنة (٣٤١ هـ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو مجهول الحال، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة (٢٤٧ هـ) على أكثر الأقوال فبين وفاتيهما نحو مائة سنة ويبعد أن يكون قد أدركه، وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل.
وقد ذكر شيخ الإسلام في "إقتضاء الصراط المستقيم" معنى هذه الرواية ثم أثبت بطلانها فقال (ص: ١٦٥): هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل، فالشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفاً، وقد رأى الشافعي في