وقال في "الثمر المستطاب"(٢/ ٦٨٣): أما الحديث المشهور على الألسنة: (الكلام في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)، لا أصل له، وقد أورده الغزالي في "الإحياء"(١/ ١٣٦) بلفظ: (الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهائم الحشيش) قال مخرجه الحافظ العراقي لم أقف له على أصل.
التعليق:
إن الإسلام لم يمنع الكلام المباح في المسجد، مالم يكن فيه تشويش على المتعبدين، ولكن على أن لا يكون فيه إعراض عن الصلاة أو تشاغل عنها، وقد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يتكلمون على مسمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمور الجاهلية فيضحكون ويبتسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا مشروعية التحديث بالحديث المباح في المسجد، وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات وإن حصل جواز ما فيه ضحك وغيره ما دام مباحاً، عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: (أكنت تجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، كثيراً كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة، حتى تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم) أخرجه مسلم.
هذا مع ملاحظة أن الأصل في الجلوس في المسجد أن يكون للصلاة والتلاوة والذكر والتفكر، أو تدريس العلم، بشرط عدم رفع الصوت، وعدم التشويش على المصلين والذاكرين.