للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عدل انتشر العدل في الرعية، فأقاموا الوزن بالقسط، وتعاطوا الحق فيما بينهم ولزموا قوانين العدل، فمات الباطل، وذهب رسوم الجور، فأرسلت السماء غيثها، وأخرجت الأرض بركتها، ونمت تجاراتهم، وزكت زروعهم، وتناسلت أنعامهم، ودرت أرزاقهم، ورخصت أسعارهم، فواسى البخيل، وأفضل الكريم، وقضيت الحقوق، وأعيرت المواعين، وتهادوا فضول الأطعمة والتحف، فهان كل الحطام لكثرته، وذل بعد عزته فتماسكت على الناس مروءاتهم، وحفظت عليهم أديانهم.

وبهذا يتبين لك أن الوالي مأجورعلى ما يتعاطاه من إقامة العدل، وعلى مايتعاطاه الناس بسببه.

وإذا جار السلطان انتشر الجور في البلاد، وعم العباد، فَرَقَّتْ أديانهم، واضمحلت مروءاتهم، وقست قلوبهم، وفشت فيهم المعاصي وذهبت أماناتهم، فضعفت النفوس، وقنطت القلوب، فضعفوا عن إقامة الحق فتعاطوا الباطل، وبخسوا الكيل والميزان، وروجوا البهرج، فرفعت منهم البركة، وأمسكت السماء غيثها ولم تخرج الأرض زرعها ونباتها، فقل في أيديهم الحطام، فقنطوا وأمسكوا الفضل الموجود، وتناجزوا على المفقود، فمنعوا الزكوات المفروضة، وبخلوا بالمواساة المسنونة، وقبضوا أيديهم عن المكارم، وفشت فيهم الأيمان الكاذبة، والختل في البيع والشراء، والمكر والحيل في القضاء والاقتضاء، فيظل أحدهم عارياَ من محاسن دينه، متجرداً من جلباب مروءته، ومن عاش كذلك فبطن الأرض خير له من ظهرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>