للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذباحين والطباخين ونحوهم، بخلاف صاحب العلو فإنه وإن شابه، هذا في تحرزه وتجنبه، فهويقصد أن يعلو رقابهم ويجعلهم تحت قدمه، فهذا لون وذاك لون.

ثالثًا: الفرق بين التواضع والمهانة.

أن التواضع يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها، فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع، وهو انكسار القلب لله، وخفض جناح الذل والرحمة بعباده، فلا يرى له على أحد فضلاً، ولا يرى له عند أحد حقاً، بل يرى الفضل للناس عليه، والحقوق لهم قبله، وهذا خلق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبه ويكرمه ويقربه. …

وأما المهانة: فهي الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها، كتواضع السفلة في نيل شهواتهم، وتواضع المفعول به للفاعل، وتواضع طالب كل حظ لمن يرجو نيل حظه منه، فهذا كله ضعة لا تواضع والله سبحانه، يحب التواضع ويبغض الضعة والمهانة وفي الصحيح عنه: (وأوحي إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد).

والتواضع المحمود على نوعين:

النوع الأول: تواضع العبد عند أمر الله امتثالاً، وعند نهيه اجتناباً، فإن النفس لطلب الراحة تتلكأ في أمره، فيبدو منها نوع إباء وشراد، هرباً من العبودية، وتثبت عند نهيه! طلبا للظفر بما منع منه، فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه فقد تواضع للعبودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>