للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال تعالى {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} {هود: ١١٨ - ١١٩} ولا مستند لهم إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وهنا يرد سؤال وهو أن الصحابة قد اختلفوا وهم أفاضل الناس، أفيلحقهم الذم المذكور؟

وقد أجاب عنه ابن حزم -رحمه الله- فقال في "الإحكام": كلا. ما يلحق أولئك شيء من هذا، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ووجهته الحق، فالمخطئ منهم مأجور أجراً واحداً لنيته الجميلة في إرادة الخير، وقد رُفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه، ولا قصدوه، ولا استهانوا بطلبهم، والمصيب منهم مأجور أجرين، وهكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين ولم يبلغه، وإنما الذم المذكور والوعيد المنصوص، لمن ترك التعلق بحبل الله تعالى وهو القرآن وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد بلوغ النص إليهم، وقيام الحجة به عليه وتعلق بفلان وفلان مقلداً عامداً للاختلاف، داعياً إلى عصبية وحمية الجاهلية، قاصداً للفرقة، ومتحرياً في دعواه برد القرآن والسنة إليها، فإن وافقها النص أخذ به، وإن خالفها تعلق بجاهليته، وترك القرآن وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- فهؤلاء هم المختلفون المذمومون.

وطبقة أخرى، وهم قوم بلغت بهم رقة الدين، وقلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم مقلدين له، غير طالبين ما أوجبه النص عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم-. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>