وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي).
والذي ترجح في هذه المسألة هو ضعف حديث أنس -رضي الله عنه- الذي لو صح لكان فيصلاً في محل النزاع، ومُحَال أن يواظب عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- طوال حياته يدعو وهم يُؤمِّنون على دعائه كل فجر ثم لا يتواتر ذلك عنه، بل يأتينا من طرق ضعيفة واهية، بل يقول بعض الصحابة: إنه محدث وبدعة، بل قال بعض العلماء: لو فرضنا صحة هذا الحديث: (لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) لم يكن فيه دليل على هذا القنوت المعين البته، فإنه ليس فيه أن القنوت هذا الدعاء، فإن القنوت يطلق على القيام والسكوت ودوام العبادة والدعاء والتسبيح والخشوع كما قال تعالى {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (٢٦)} {الرُّوم: ٢٦} وقال تعالى {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ}{الزُّمر: ٩}.
وقال تعالى {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}{التَّحريم: ١٢}.
وقال زيد بن أرقم: لما نزل قوله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} {البقرة: ٢٣٨} أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
وأنس -رضي الله عنه- لم يقل لم يزل يقنت بعد الركوع رافعاً صوته (اللهم اهدني فيمن هديت … ) ويُؤَمِّن من خلفه، ولا ريب أن قوله: (ربنا ولك