الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد … ) الدعاء والثناء الذي كان يقوله قنوت وتطويل هذا الركن قنوت، وهذا الدعاء المعين قنوت، فمن أين لكم أن أنساً إنما أراد هذا الدعاء المعين دون سائر أقسام القنوت، ولا يقال: تخصيصه القنوت بالفجر دون غيرها من الصلوات دليل على إرادة الدعاء المعين إذ سائر ما ذكرتم من أقسام القنوت مشترك بين الفجر وغيرها، وأنس خص الفجر دون سائر الصلوت بالقنوت ولا يمكن أن يقال: إنه الدعاء على الكفار لا الدعاء للمستضعفين من المؤمنين لأن أنساً أخبر أنه كان قنت شهراً ثم تركه فتعين أن يكون هذا الدعاء الذي داوم عليه هو القنوت المعروف؟
والجواب من وجوه:
أحدها: أن أنساً قد أخبر أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقنت في الفجر والمغرب كما ذكره البخاري، فلم يخصص القنوت بالفجر، وكذلك ذكر البراء بن عازب سواء. فما بال القنوت اختص بالفجر، فإن قلتم المغرب كان قنوتاً للنوازل لا قنوتاً راتباً؟ قال منازعوكم من أهل الحديث: نعم كذلك هو قنوت، وقنوت الفجر سواء وما الفرق؟ قالوا: ويدل على أن قنوت الفجر كان قنوت نازلة لا قنوتاً راتباً أن أنساً أخبر بذلك، وعمدتكم في القنوت الراتب إنما هو أنس، وأنس أخبر أنه كان قنوت نازلة ثم تركه ففي الصحيحين عن أنس -رضي الله عنه- قال:(قنت النبي -صلى الله عليه وسلم- شهراً يدعوا على حي من أحياء العرب ثم تركه).