للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصبر للعامل فيها أجر خمسين منكم) فقالوا: بل منهم فقال: (بل منكم لأنكم تجدون على الخير أعواناً وهم لايجدون).

وتفاوضنا: كيف يكون أجر من يأتي من الأمة أضعاف أجر الصحابة مع أنهم قد أسسوا الإسلام، وعضدوا الدين، وأقاموا المنار، وافتتحوا الأمصار، وحموا البيضة، ومهدوا الملة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح: (لو أنفق أحدكم كل يوم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) فتراجعنا القول، وتحصل ما أوضحناه في شرح الصحيح وخلاصته: أن الصحابة كانت لهم أعمال لا يلحقهم فيها أحد ولا يدانيهم فيها بشر، وأعمال سواها من فروع الدين يساويهم فيها من أخلص إخلاصهم، وخلصها من شوائب البدع والرياء بعدهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم هو ابتداء الإسلام، وهو أيضاً انتهاؤه، وقد كان قليلاً في ابتداء الإسلام، صعب المرام، لغلبة الكفار على الحق، وفي آخر الزمان أيضاً يعود كذلك لوعد الصادق -صلى الله عليه وسلم- بفساد الزمان، وظهور الفتن، وغلبة الباطل، واستيلاء التبديل والتغيير على الحق من الخلق، وركوب من يأتي سنن من مضى من أهل الكتاب كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه) (١).


(١) رواه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥٠٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>