للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ) رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، فلا بد والله تعالى أعلم بحكم هذا الوعد الصادق، أن يرجع الإسلام إلى واحد كما بدأ من واحد، ويضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى إذا قام به قائم مع احتوائه بالمخاوف، وباع نفسه من الله تعالى في الدعاء إليه، كان له من الأجر أضعاف ما كان متمكناً منه، معاناً عليه بكثرة الدعاة إلى الله تعالى، وذلك قوله: (لأنكم تجدون على الخير أعواناً وهم لا يجدون).

حتى ينقطع ذلك انقطاعاً باتاً لضعف اليقين وقلة الدين كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله) أخرجه مسلم عن أنس -رضي الله عنه-، يروى برفع الهاء ونصبها، فالرفع على معنى لا يبقى يُذكر الله عز وجل، والنصب على معنى لا يبقى آمر بالمعروف ولا ناهٍ عن منكر يقول: أخاف الله، وحينئذٍ يتمنى العاقل الموت كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: ياليتني كنت مكانه) متفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. اهـ. (١).

قلت: ونحن في زمان قد غيرت الأمة وبدلت في كل جانب من جوانب الدين، إلا من رحم ربك جل وعلا، بدلت في جانب العقيدة، وفي جانب العبادة وفي جانب التشريع، وحكمت في الأعراض والأموال والفروج القوانين الوضعية، والمناهج الأرضية، التي هي من صنع المهازيل من البشر، من الملحدين،


(١) "القابضون على الجمر" (ص: ٣٢ - ٣٤) سليم الهلالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>