للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز أن يكون من كلامه، فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة الصدِّيقيَّة، ولها أعمال وأحوال هي شروط في حصولها، وهي نوعان: خاصة وعامة، فالخاصة الشهادة في سبيل الله، والعامة خمس مذكورة في الحديث الصحيح ليس العشق واحداً منها، وكيف يكون العشق الذي هو شرك المحبة، وفراغ عن الله وتمليك القلب والروح والحب لغيره تنالُ به درجة الشهادة، هذا من المحال، فإن إفساد عشق الصور للقلب فوق كل إفساد بل هو خمر الروح الذي يسكرها ويصدها عن ذكر الله وحبه والتلذذ بمناجاته والأنس به، ويوجب عبودية القلب لغيره، فإن قلب العاشق متعبد لمعشوقه بل العشق لب العبودية، فإنها كمال الذل والحب والخضوع والتعظيم، فكيف يكون تعبد القلب لغير الله مما تنال به درجة أفاضل الموحدين، وساداتهم وخواص الأولياء، فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس كان غلطاً ووهما، ولا يحفظ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفظ العشق من حديث صحيح البتة، ثم إن العشق منه حلال ومنه حرام، فكيف يظن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يحكم على كل عاشق يكتم ويعف بأنه شهيد، أفَتَرى من يعشق امرأة غيره، أو يعشق المردان والبغايا ينال بعشقه درجة الشهداء، وهل هذا إلا خلاف المعلوم من دينه -صلى الله عليه وسلم- بالضرورة، كيف والعشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه لها من الأدوية شرعاً وقدراً، والتداوي منه إما واجب إن كان عشقاً حراماً، وإما مستحب، وأنت إذا تاملت الأمراض والآفات التي حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابها بالشهادة

<<  <  ج: ص:  >  >>