للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا رُزق الفتى وَجْهاً وَقَاحاً … تقلّب في الأمور كما يشاءُ

ولم يك للدواء ولا لشيء … يعالجه به فيه غَنَاء

فما لك في متابعة الذي لا … حياء لوجهه إلا العناء

قال أبو حاتم: إن المرء إذا أشتد حياؤه صان عِرضه، ودفن مساويَه، ونشر محاسنه، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره هان على الناس ومُقِتَ، ومن مُقِت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد عقله، ومن أصيب في عقله كان أكثرُ قوله عليه لا له، ولا دواء لمن لا حياء له، ولا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ومن قل حياؤه صنع ما شاء وقال ما أحب. اهـ.

وقال العلامة ابن القيم (١) -رحمه الله-: وخلق الحياء من أفضل الأخلاق، وأجلها وأعظمها قدراً وأكثرها نفعاً، بل هو خاصة الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء، ولولا هذا الخلق لم يُقر الضيف، ولم يُوف بالوعد، ولم تُؤد أمانة، ولم يقض لأحد حاجة، ولا تَحرَّى الرجل الجميل فآثره، والقبيح فتجنبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع من فاحشة، وكثير من الناس لولا الحياء الذي فيه لم يؤد شيئاً من الأمور المفترضة عليه، ولم يرعَ لمخلوق حقاً، ولم يصل له رحماً، ولا بر له والداً، فإن الباعث على هذه


(١) "مفتاح دار السعادة" (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>