للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن آفات النظر: أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات، فيرى العبد ما ليس قادراً عليه ولا صابراً عنه، وهذا من أعظم العذاب، أن ترى مالا صبر لك عنه ولا عن بعضه ولا قدرة لك عليه.

قال الشاعر:

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً

رأيت الذي لا كله أنت قادرٌ … لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

عليه ولا عن بعضه أنت صابر

وهذا البيت يحتاج إلى شرح، ومراده: أنك ترى ما لا تصبر عن شيء منه ولا تقدر على شيء منه، فإن قوله: (لا كله أنت قادر عليه) نفي لقدرته على الكل، التي لا تنبغي إلا بنفي القدرة على كل واحد، وكم ممن أرسل لحظاته فما أقلعت إلا وهو يتشحط بينهن قتيلاً كما قيل:

يا ناظراً ما أقعلت لحظاته … حتى تشحط بينهن قتيلاً

ولي من الأبيات:

ملَّ السلامة فاغتدت لحظاته

ما زال يتبع إثره لحظاته … وقفاً على طلل يُظَنُّ جميلا

حتى تشحط بينهن قتيلا

ومن العجب: أن لحظة الناظر سهم لا يصل إلى المنظور إليه حتى يتبوأ مكاناً من قلب الناظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>