وفي الحديث الصحيح:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فالحديث يشمل عمومه الحلق بالنسبة للمحرمة بلا شك، وإذا لم يبح لها حلقه في حال النسك، فغيره من الأحوال أولى.
وأما كون حلق المرأة رأسها تشبهاً بالرجال فهو واضح، ولا شك أن الحالقة رأسها متشبهة بالرجال، لأن الحلق من صفاتهم الخاصة بهم دون الإناث عادة.
وأما كون حلق رأس المرأة مُثلة فواضح، لأن شعر رأسها من أحسن أنواع جمالها وحلقه تقبيح لها وتشويه لخلقتها، كما يدركه الحس السليم، وعامة الذين يذكرون محاسن النساء في أشعارهم، وكلامهم مطبقون على أن شَعر المرأة الأسود من أحسن زينتها لا نزاع في ذلك بينهم في جميع طبقاتهم، وهو في أشعارهم مستفيض استفاضة يعلمها كل من له أدنى إلمام …
ثم قال -رحمه الله-: وبه تعلم أن العرف الذي صار جارياً في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنة إفرنجية، مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام، فهو من جملة الانحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق، والسمت وغير ذلك.
وأما ما ثبت في صحيح مسلم:(أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، كنَّ يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة (١) … ).
(١) قال ابن منظور في "لسان العرب": الوفرة: الشعر المجتمع على الرأس، وقيل: ما سال على الأذنين من الشعر وقيل: الوفرة الشعرة إلى شحمة الأذن.