للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون له برهان من الله، لهذا قال تعالى {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} أي: ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله سبحانه وتعالى، واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام. اهـ.

فهذا هو الأصل، لكن الله -سبحانه وتعالى- تفضَل على هذه الأمة المحمدية، فأثاب من هو عاجز عن العمل، إذا علم صدق نيته، وحرصه ثواب العاملين. إلاّ أن الشيطان قد يدخل على كثير من الناس من هذه الثغرة، فيسوِّل لهم أن مجرد تمني الخير يوجب هذه الفضيلة، فلا ينفكون من قيود التمني ليلاً ولا نهارًا، ويظنون أنهم بذلك حازوا فضلاً كبيراً.

والحق: أن المتأمل للنصوص الواردة في التمني المحمود يرى قِلَته -بل ندرته- عند المؤمنين الصادقين، فهذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- نقل إلينا في أحاديث يسيرة، أنه تمنى: بينما أعماله لا تحصى كثرة.

وهكذا المتمنون من الصحابة والتابعين. فدلَ على أن الإكثار من تمني الخير ليس دأب الصالحين، بل هو سمة البطالين، ولقد قدمنا من شروط التمني الممدوح: العزم، والعجز عن العمل، فلعل في هذين الشرطين ما يقطع به المبتلون نفثات الشيطان في هذا الباب، وما أحسن ما قال أبو تمام:

<<  <  ج: ص:  >  >>