قال أهل التفسير في معنى قوله تعال:(أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) أي ويل لك يا أيها الشقي ثم ويل لك.
وقال المفسرون هذه العبارة في لغة العرب ذهبت مذهب المثل في التخويف والتحذير والتهديد فاحذر وانتبه لأمرك.
قال الراغب الأصفهاني: [وقوله تعالى: (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) كلمة تهديد وتخويف يخاطب به من أشرف على هلاك فيحث به على التحرز أو يخاطب به من نجا ذليلاً منه فينهى عن مثله ثانياً وأكثر ما يستعمل مكرراً وكأنه حث على تأمل ما يئول إليه أمره ليتنبه للتحرز منه] المفردات في غريب القرآن ص ٣٢.
وقال الإمام القرطبي: [قوله تعالى: (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) تهديد بعد تهديد ووعيد بعد وعيد أي فهو وعيد أربعة لأربعة كما روي أنها نزلت في أبي جهل الجاهل بربه فقال: (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أي لا صدق رسول الله ولا وقف بين يدي فصلى، ولكن كذب رسولي وتولى عن التصلية بين يدي.
فترك التصديق خصلة والتكذيب خصلة وترك الصلاة خصلة والتولي عن الله تعالى خصلة فجاء الوعيد أربعة مقابلة لترك الخصال الأربع والله أعلم. لا يقال: فإن قوله: (ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) خصلة خامسة فإنا نقول: تلك كانت عادته قبل التكذيب والتولي فأخبر عنها وذلك بين في قول قتادة على ما نذكره.
وقيل: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خرج من المسجد ذات يوم فاستقبله أبو جهل على باب المسجد مما يلي باب بني مخزوم فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده فهزه مرةً أو مرتين ثم قال:(أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) فقال له أبو جهل: