أتهددني؟ فوالله إني لأعز أهل الوادي وأكرمه. ونزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال لأبي جهل وهي كلمة وعيد ... قال قتادة: أقبل أبو جهل بن هشام يتبختر فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده فقال:(أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى). فقال: ما تستطيع أنت ولا ربك لي شيئاً إني لأعز من بين جبليها. فلما كان يوم بدر أشرف على المسلمين فقال: لا يعبد الله بعد هذا اليوم أبداً. فضرب الله عنقه وقتله شرّ قتلة. وقيل: معناه الويل لك ... وعلى هذا التأويل قيل: هو من المقلوب كأنه قيل: أويل ثم أخر الحرف المعتل والمعنى: الويل لك حياً والويل لك ميتاً والويل لك يوم البعث والويل لك يوم تدخل النار ... وقيل: المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: قال الأصمعي (أَوْلَى) في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك كأنه يقول: قد وليت الهلاك، قد دانيت الهلاك، وأصله من الولى وهو القرب. قال الله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) أي يقربون منكم ... وكان أبو العباس ثعلب يستحسن قول الأصمعي ويقول: ليس أحد يفسر كتفسير الأصمعي. وقال النحاس: العرب تقول أولى لك: كدت تهلك ثم أفلت وكأن تقديره: أولى لك وأولى بك الهلكة] تفسير القرطبي ١٩/ ١١٤ - ١١٦.
وقال ابن منظور: [وقوله عز وجل (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) معناه التوعد والتهدد أي الشر أقرب إليك وقال ثعلب: معناه دنوت من الهلكة وكذلك قوله تعالى: (فَأَوْلَى لَهُمْ) أي وليهم المكروه وهو اسم لدنوت أو قاربت وقال الأصمعي: أولى لك قاربك ما تكره أي نزل بك يا أبا جهل ما تكره ... ، قال ثعلب: ولم يقل أحد في أولى لك أحسن مما قال الأصمعي وقال غيرهما: أولى يقولها الرجل لآخر يحسره على ما فاته وبقول له: يا محروم أي شيء فاتك؟ وقال الجوهري: أولى لك تهدد ووعيد]
لسان العرب ١٥/ ٤٠٤، وراجع أيضاً تفسير الألوسي ١٥/ ١٦٤، وتفسير ابن كثير ٤/ ٤٥١.