رحمهم الله - من جواز نبش قبر الميت، وأخذ كفنه المسروق أو المغصوب، فقاسوا إهانته بالتشريح على إهانته بنبش كفنه، وكشف عورته بجامع تحصيل مصلحة الحي المحتاج إليها] أحكام الجراحة الطبية ص ١٧٢.
ثانياً: ومما يدل على جواز التشريح للأغراض السابقة أن قواعد الشريعة الإسلامية تجيزه فإن من قواعد الشريعة الكلية ومقاصدها العامة أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفادياً لأشدهما ومسألة التشريح داخلة في هذه القاعدة على كل حال فإن مصلحة حرمة الميت مسلماً كان أو ذمياً تعارضت مع مصلحة أولياء الميت والأمة والمتهم عند الاشتباه فقد ينتهي الأمر بالتشريح والتحقيق مع المتهم إلى إثبات الجناية عليه وفي ذلك حفظ لحق أولياء الميت وإعانة لولي الأمر على ضبط الأمن وردع لمن تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة خفية وقد ينتهي الأمر بثبوت موته موتاً عادياً وفي ذلك براءة المتهم كما أن في التشريح المرضي معرفة ما إذا كان هناك وباء ومعرفة نوعه فيتقى شره بوسائل الوقاية المناسبة وفي هذا المحافظة على نفوس الأحياء والحد من أسباب الأمراض وقد حثت الشريعة على الوقاية من الأمراض وعلى التداوي مما أصابها وفي هذا مصلحة للأمة ومحافظة على سلامتها وإنقاذها مما يخشى أن يصيبها جرياً على ما اقتضت به سنة الله شرعاً وقدراً. وفي تعريف الطلاب تركيب الجسم وأعضائه الظاهرة والأجهزة الباطنة ومواضعها وحجمها صحيحة ومريضة وتدريبهم على ذلك عملياً وتعريفهم بإصابتها وطرق علاجها في هذا وغيره مما تقدم بيانه ... وما ذكره الأطباء مصالح كثيرة تعود على الأمة بالخير العميم فإذا تعارضت مصلحة المحافظة على حرمة الميت مع هذه المصالح نظر العلماء أي المصلحتين أرجح فبني عليها الحكم منعاً أو إباحة وقد يقال ان مصلحة الأمة في مسألتنا أرجح لكونها كليةً عامة ولكونها قطعية كما دل على ذلك الواقع والتجربة وهي عائدة إلى حفظ نفوس الناس وحفظها من الضروريات التي جاءت بمراعاتها وصيانتها جميع شرائع الأنبياء وقد وجدت نظائر لمسألة التشريح بحثها فقهاء