للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الشوارع والأسواق، ومنهم من أفتى بجواز عرض المرأة للأزياء أمام الرجال، وغير ذلك من الفتاوى العرجاء.

وقد حذر العلماء قديماً وحديثاً من التساهل في الفتوى، قال الإمام النووي رحمة الله عليه: [يحرم التساهل في الفتوى، ومن عرف به حَرُمَ استفتاؤه، فمن التساهل أن لا يتثبت ويسرع بالفتوى قبل استيفاء حقها من النظر والفكر، فإن تقدمت معرفته بالمسئول عنه فلا بأس بالمبادرة، وعلى هذا يُحمل ما نقل عن الماضين من مبادرة، ومن التساهل أن تحمله الأغراض الفاسدة، على تتبع الحيل المحرمة أو المكروهة، والتمسك بالشبه طلباً للترخيص، لمن يروم نفعه، أو التغليظ على من يريد ضره، وأما من صح قصدُه فاحتسب في طلب حيلة لا شبهة فيها للتخليص من ورطة يمين ونحوها، فذلك حسنٌ جميلٌ، وعليه يحمل ما جاء عن بعض السلف من نحو هذا كقول سفيان - الثوري -: [إنما العلمُ عندنا الرخصة من ثقة فأما التشديد فيحسنه كل أحد] (١).

ولا شك أن من دوافع التساهل في الفتاوى بحجج واهية، التقرب إلى السلاطين والحكام، والحرص على الدنيا، وما فيها من جاهٍ ومناصب وأموال، قال العلامة ابن القيم: [كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها، فلا بد أن يقول على الله غيرَ الحق في فتواه وحكمه في خبره والتزامه] (٢).

وختاماً أقول هذا هو الجزء السابع من كتابي يسألونك سرت فيه كما في الأجزاء السابقة، على منهج أهل السنة والجماعة في الاعتماد عل كتاب الله سبحانه وتعالى، وما صح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما قرره الأئمة الأعلام، من فقهاء الصحابة والتابعين وسلف الأمة، من إجماع وقياس صحيح، من غير تعصبٍ لمذهبٍ أو إمام. وسعيت فيه إلى الوصول إلى ما أعتقد أنه الحق والصواب، فإن تعارضت الأقوال، اخترت ما أعتقد أنه


(١) المجموع ١/ ٤٦.
(٢) الفوائد ص١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>